
في البداية، لا أحد ينكر قوة شركة إينى الإيطالية في مجال الطاقة بشقيه: الزيت والغاز، ويرجع ذلك إلى ما تمتلكه تلك الشركة من مقومات على المستويين: رأس المال الضخم، وأساطيل المعدات، مما أهلها وبقوة للاستثمار في العديد من الدول.
ومما لا شك فيه أن الشركة، أو أي شركة أخرى تعمل في مجال البحث والتنقيب والإنتاج، لا يمكن أن توجه استثماراتها في مشروعات خاسرة أو ذات احتمالات للخسارة، مما يعني أنها حينما تتوجه للاستثمار في أي دولة، فإنها قامت بإعداد الدراسات اللازمة والكافية التي تؤكد أن تلك الدولة تمتلك فرصاً واعدة وناجحة ومربحة لضخ أموالها فيها.
خلال الفترة الماضية، استوقفني تصريح لوزير البترول المهندس كريم بدوي، الذي قال فيه نصاً: “إن شركة إينى الإيطالية ساندت قطاع الطاقة المصري في كل الأوقات.”
إن كلمة “ساندت” قد توحي بأن ذلك كان على سبيل المساعدة بلا مقابل، أو يقابله تنازلات عن حقوق تستحقها وتحصل عليها شركة إينى، وكأن الأمر ليس شراكة تمت وفق اتفاقيات موقعة من الجانبين بشروط وامتيازات وعوائد محددة! ألم تحصل أينى على عوائد ومكاسب لقاء استثمارها في قطاع الطاقة المصري؟! هل تنازلت أينى الإيطالية عن نسبة من عوائدها لصالح الحكومة المصرية؟! هل قامت أينى الإيطالية بمشروعاتها في مصر بلا مقابل؟!
وإذا وضعنا هذا التصريح للسيد كريم بدوي، وزير البترول، في مقارنة مع تصريحات سابقة للرئيس التنفيذي لشركة إينى الإيطالية، كلاوديو ديسكالزى، على هامش مشاركته في مؤتمر ومعرض أبوظبي للبترول “أديبك 2023″، نجد تأكيداً لمكانة مصر من حيث الاستثمار في مجال الطاقة، حيث صرح كلاوديو قائلاً: “إن فوز أينى بثلاث مناطق استكشافية ضمن المناقصة التي طرحتها مصر للبحث عن البترول والغاز في منطقة البحر المتوسط يعد أمراً جيداً للشركة.” وهذا يعني أن مشاركة أينى ليس مساندة، وإنما شراكة تهدف للربح في المقام الأول والأخير.
ومنذ فترة ليست بالقصيرة، نشرت منصة عالمية للطاقة أن شركة إينى الإيطالية اضطرت لسحب سفينة الحفر “سايم سانتوريني” من مصر نتيجة عدم حصولها على مستحقاتها، وهذا ما نفاه المتحدث الرسمي لوزارة البترول وقتها، السيد حمدي عبدالعزيز.
ليعود مجدداً تصريح من شركة إينى بأنها حصلت على 270 مليون دولار من مستحقاتها، ولا يزال يتبقى لها 1.6 مليار دولار لدى مصر، وهو مبلغ كبير خاصة في ظل حاجتها إلى سيولة مالية.
كما أن ما تم تداوله عن انخفاض متوسط إنتاج الأصول المصرية للشركة الإيطالية من 372 ألف برميل يومياً في النصف الأول من عام 2023 إلى 294 ألف برميل يومياً خلال الأشهر الستة الأولى لعام 2024، وأن إنتاج أينى من الغاز تراجع خلال الربع الثاني من عام 2024 إلى 1.219 مليار قدم مكعب يومياً، من 1.318 مليار قدم مكعب يومياً خلال الربع الأول من عام 2023، وذلك حسبما جاء في بيان نتائج أعمال أينى الصادر في 26 يوليو 2024.
ولكن ذلك لا ينكر الدور الكبير الذي قامت به الحكومة المصرية، متمثلة في السيد رئيس الوزراء والسيد وزير البترول كريم بدوي، الذي عقد جلسة مباحثات مشتركة مع ممثلة إينى الإيطالية في شمال أفريقيا والمشرق العربي، “مارتينا أوبيتزي”، بمدينة العلمين في يوليو 2024، حيث توصل بدوي إلى اتفاق ينهي أزمة أينى في مصر، وزيادة الحفارات وتكثيف أعمال البحث والتنقيب، الأمر الذي قد يعكس قدرة بدوي على التفاوض.



