
عزيزي المتربّع في موقع المسؤوليّة، يا من تهدف إلى الرُتب العالية والمناصب السامية والألقاب الغالية، عليك أن تعلم أن ما وصلتَ إليه ما هو إلا إنجازٌ وصل إليه قبلك الكثير، وتركه ليصل إليك.
فما أنت بمخلّد في منصبك، وما أنت بمعجز في الوصول إليه.
احمد سمير القاضي يكتب: هل تصنع المناصب مكانة الإنسان أم أن الإنسان هو من يصنع للمنصب مكانته؟
ولتعلم أيضًا أنك ستُحاسب عن كل دقيقة مكثتَ فيها في ذلك المنصب؛ سيسألك الله عن كل قرار اتخذته، وكل كلمة نطقتَ بها، وكل عمل قمتَ به، أكان خالصًا لوجه الله تبتغي به الصالح العام، أم أنك كنت تبحث عن الهوى والمجد الشخصي.
فبيدك أنت أن تجعل من منصبك هذا خادمًا جيدًا، وبيدك أيضًا أن تجعله سيّدًا فاسدًا.
فإن أصلحتَ، واجتهدتَ، وطوّرتَ، وأنجزتَ، ولم يجرفك الهوى لمتملّقٍ أو لذي نفوذٍ أو سلطان، كان منصبك خادمًا جيدًا لكل ذي حاجة.
وإن عملتَ على المحاباة ورضا المتملّق وصاحب السطوة، كان منصبك سيّدًا فاسدًا.
وعليك الاختيار:
إما أن يكون منصبك هذا شاهدًا لك أو عليك.
عليك أن تختار أن يذكرك الناس بحسن الأداء وحُسن العمل، أو أن يذكروك بما لا تهوى.
فأنت من تصنع قيمة ومكانة لمنصبك بجهدك وعملك، ولا يصنع المنصب لك القيمة ولا المكانة.
فلا يزيد المنصب فخرًا إلا من به خلل، وما ازدادت المناصب فخرًا إلا بمن بحُسن الأداء قد اكتمل.