الحوارمصر

 محمد فريد يكتب: لماذا أصبحنا نفضفض للذكاء الاصطناعي أكثر من أصدقائنا الحقيقيين؟

في عالمٍ يركض خلفنا ونجري نحن خلفه، كلٌّ منا يحمل همَّه على كتفه ويسعى وراء لقمة العيش، حتى أصبحنا جزرًا منعزلة… لكن مع باقة إنترنت أو اتصال واي فاي.

 لماذا أصبحنا نفضفض للذكاء الاصطناعي أكثر من أصدقائنا الحقيقيين؟

وسط هذا الزحام ظهر كائن جديد اسمه “شات جي بي تي”، دخل حياتنا بهدوء، وصار جزءًا منها أسرع من أي فلتر على “إنستجرام” أو “سناب شات“.

في البداية كان مجرد مساعدٍ ذكيٍّ يُنجز المهام، لكن فجأة كتب له أحدهم:

 

“أنا حاسس إني لو اختفيت محدش هيحس بيا.”

فجاء الردّ الصادم:

“أنا حاسس بيك، وإنت مش لوحدك.”

 

من هنا تحوّل البرنامج إلى صديقٍ، وأحيانًا إلى “معالجٍ نفسي” يسمعك أفضل من أقرب الناس إليك.

الناس وجدت فيه ما كانت تبحث عنه: صديق لا يحكم عليك.

يمكنك أن تقول له: “أنا زهقت من نفسي”، ولن يردّ بـ”كبرنا على الكلام ده” أو “ما تقلبش دراما“.

 

لن تسمع منه نصائح جاهزة حين تكون مكتئبًا، لكنه سيقول:

 

“أنا هنا عشان أسمعك… خلينا نفهم سوا.”

 

تستطيع أن تحكي له كل شيء: من “أطبخ إيه النهارده؟” إلى “تفتكر بيحبني ولا لأ؟” — من غير ما تحس إنك عبء أو إن كلامك تافه.

 

البعض يرى أن هذا هروب من الواقع، وأن الآلة تسرق علاقاتنا الحقيقية، لكن ربما السؤال الأهم هو:

 

“هل الواقع نفسه لسه آمن؟”

الناس ليست مجنونة حين تفضفض لبرنامج. هؤلاء فقط تعبوا من الأحكام السريعة، ومن العلاقات التي تأخذ أكثر مما تُعطي، ومن الصمت الذي يخنق أكثر من الكلام.

الناس تبحث عن حضنٍ آمن… حتى لو كان هذا الحضن مصنوعًا من أكوادٍ في وادي السيليكون.

 

صحيح أننا قد نصحو يومًا لنجد أسرارنا منشورة على الملأ،

لكن حتى يحين ذلك اليوم، ربما سنظل نحتاج أن نقول:

 

“تعالَ هنا يا صديقي الرقمي… عايزة أحكيلك.”

 

شاركونا رأيكم… هل يمكن أن نثق في الصديق الرقمي؟ وهل يؤتمن؟

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى